2018/01/17

قصه‌ قصيره‌ (الكاتب) ترجمه‌: ماجد حيدر


الكاتب

قصة قصيرة بقلم عبد الرحمن بامرني
ترجمة: ماجد الحيدر



لا يمكنك العثور على مقاعد خالية في القاعة سوى في الصفين الأولين بالطبع. هو يعرف بأن الصف الأول له إتيكيته الخاص، وأنه إذا ما جلس في أحد مقاعده فسوف يأتي شخص ما ويطلب منه القيام منه. قصد الصف الثاني: في الكرسي الأول من ذلك الصف ثمة امرأة حبلى، لكن بطنها المنتفخة لم تدفعه لتغيير أحاسيسه إزاء النساء، هو يعرف كم ينفر من السيدات الحوامل.
خيرٌ لي أن أدخل الصف من الجانب الآخر للقاعة وأضمن مقعداً شاغراً! شعرت صاحبة البطن بالأمر فأمالت جسمها نحو جانب الكرسي وفي ظنها أنه سيستطيع المرور إذا ما لوت نفسها قليلاً، لكن تخبط تلك المرأة الحبلى لم يكن كافياً للسماح له بالعبور من أمامها واتخاذ مجلسه! لم تكد المرأة تعدل جلستها بعد أن يئست من مروره حتى قالت له شابتان ممشوقتان عاريتا الأذرع ومثقلتان بالمكياج :هل تسمح؟ ثم عبرتا نحو الكراسي الشاغرة.
هل أنا المتأخر أم ستكون مسرحية أخرى غير اللاتي شاهدتهن قبلاً؟. كان يفكر بهذا وهو ما يزال منشغلاً باتخاذ القرار حول الجانب الذي ينبغي له اختياره للدخول الى الصف والوصول الى أحد الكراسي الشاغرة قبل أن تشغل هي الأخرى. مشرف القاعة أحس بارتباكه وتردده وكون تلك السيدة الجالسة في المقعد لأول وراء عدم عبوره، لكن ما لم يفكر به ولم يعرفه هو أن بطنها المنتفخة هي ما يعيق عبورها وليس السيدة بحد ذاتها.
منذ أسبوع وأنا أتسلل من فراشي في منتصف الليل وأظل جالساً الى هذا المكتب حتى الصباح، هذه أول مرة أكتب فيها قصة ولا أعرف نهايتها.. في الحقيقة لم أعتقد قط وأنا أشرع بكتابتها بأن امرأة حبلى ستدخل اليها وتعبث بأفكاري. ليست هذه مشكلتي الوحيدة مع كتابة هذه القصة، لكن مسؤولة القسم في الدائرة التي أعمل بها أمرأة.. إمرأة حبلى! في هذه المدينة عدة مديريات لكن دائرتي هي الوحيدة التي ترأسها إمرأة، وهي أيضاً حبلى. ضغط المنظمات النسوية والكوتا النسوية ونزول الناشطات النسويات الى الشوارع دفع الحكومة الى تخصيص وزارة للمرأة وهكذا كان منصب الوزير في الوزارة التي تتبعها دائرتي من نصيب امرأة، وهو ما فهمته من اهتمامي بالمرأة ووصلت الى نتيجة مفادها أن بطنها ستكبر. لكن أكثر ما يقلقني ويسلب راحتي هو أن تلك المرأة التي أتسلسل من فراشها منذ أسبوع لأجلس الى هذه المنضدة هي الأخرى حبلى. في النهاية فكرت بقرائي وقلت لنفسي لماذا لا أشرك تلك المرأة التي أتسلل من فراشها في القصة كي تأتي وتمزق أوراقي إرباً إرباً حتى لا أمضي في كتابة قصة عديمة المعنى كهذه. لكن من حسن الحظ أن مشرف القاعة دنا مني وأنقذني من محنتي بكلمات الاحترام و"أستاذ أستاذ" التي خاطبني بها ثم دلني على مكان في الصف الأول وكانت هذه أول مرة أشعر فيها بأن شخصاً ما يحترم كتّاب مدينته ويخلي لهم مكاناً في الصف الأول، ذلك لأن المثقفين والكتاب، كما رأيت على الدوام، هم على الهامش!
نشرت فى صباح كورستان (العدد 15)، 6/1/2018

ليست هناك تعليقات: