2024/12/31

عنواين قصصية من نماذج قصص (عبدالرحمن بامرني)

 دراسة نقدية
قیرین عجو

العنوان تعتبر العتبة، أو المدخل لدخول إلى احداث النص، والعنوان قد تعبّر أحيانا من البداية عن الاحداث والمجرايات، وأحيانا تكون غامضة. إضافة هي العتبة التي يقف عليه الكاتب كي يدخل إلى عمق الحدث والتفاصيل. العنوان قد يتألف من كلمة واحدة، أو جملة، أو كلمات مركبة..
استراتيجية العنوان
الاستراتيجية التي اعتمده الكاتب في اختياره للعناوين في قصصه، تعتمد على اللهجة المحلية والعامية التي يستخدمها الشعب في حياتهم اليومية. تعتبر مصطلحات قديمة أو تراثية وإضافة إلى صفات كان يستخدمها الناس في يومهم. فقد استغله الكاتب بذكاء في خدمة قصصه التي تصنف كقصص السخرية أو التهكم، القريبة من اسلوب (عزيز نسين) المعروف بفكاهيته الساخرة و اللاذعة. في قصة (خره خر) العنوان مؤلفة من كلمة مركبة، تأتي بمعنى الضجيج، وهي كلمة قديمة متوارثة عن الاجداد، كانت تستخدمه عامة الشعب حين كانوا يشاهدون ضجيجاً ما. وهنا استخدمه الكاتب كنوع من السخرية، في تقديم قصته الواقعية، حيث يعيش البطل واقعاً مزرياُ. وقد قام بالتشبيه ما بين ضجيج الشارع و ما بين ضجيج زوجة البطل في القصة. وفي الواقع في هذه القصة تعيش ضجيجاً غير اعتيادي، إلى درجة الهذيان، مع تسارع في نمطية الاحداث. كل هذا الضجيج المتسارع في كفة، و ضجيج الزوجة في كفة أخرى. وبالفعل عندما يستيقظ من نومه، يستيقظ على صوت هذا الضجيج. ولكن رغم هذا الضجيج والعبثية، صورة تلك الفتاة الجميلة التي رآها في الحلم لم تفارق مخيلته. خره خرا، تأتي بمعني الضجيج، وهي كلمة عامية. أما في القصة الثانية تحت عنوان (قوزلقورت) هذا العنوان مصطلح عامي وشعبي متداول في الشرق الاوسط، و تعتبر كنوع من الشتيمة، عندما يصل الشخص إلى اسوء حالاته، أي بمعنى (تناول السم). وهي اقتباس من الواقع، اختيار الكاتب لهكذا عنوان تعتبر جرأة منه. وتصنف هذه القصة تحت نمط التهكم والسخرية من مشكلته، الذي يعود عليه، عندما يلعن ويشتم نفسه ويصرخ بصوت عالي، أمام الناس بهذه الكلمة، ويسمعه الاخر ويظنه أنه المعني به ويقوم بشتمه أمام الجميع. وأما في اختياره لقصة تحت عنوان جيري، وهي تعتبر كنوع من فضح دور الاهالي في اختيار الاسماء دون التفكير أو البحث عن المعنى، و هنا تنصدم الفتاة عتدما تكتشف التشابه بين معنى اسمها و صفة الجارية. (سبية هي نفسها جارية) قد يكون العنوان غير مكررة، لكن ندرك أنه مقتبس، يوجد الكثير من القصص و الروايات تحمل معاني قريبة من هذا العنوان. أما العنوان (دفن بلندي) مؤلف من كلمتين، وهي تدل على الغرور التي تحملها البطلة التي وصفها الكاتب في القصة. وهذا الوصف تعطى لمن لديه غرور و تكبر فوق الحد، فتأتي كنوع من ذم وليس مدح، واحيانا كنوع من حب الذات، ويراه الأخر على أنه تكبر. لكن قدرة الكاتب على فتح المخيلة أمام القارئ والتلاعب بالمفردات إبراز الحدث بسلاسة، تعتبر اسلوب محفز. منذ لحظة قراءتك العنوان تدرك المغزى منها، لكن تنصدم انه يصف غرور الفتاة تارة، او غروره.
وفي الخاتمة
نجد التنوع الذي قدمه الكاتب في اختياره لعناوين قريبه من واقع المجتمع الذي يعيشه. وكأنه يضع إصبعه عالجرح. إضافة إلى جرأته المستوحاة من استخدامه لمصطلحات يستخدمه عامة الشعب. وتعتبر كتوع من اقتباس من التراث السمعي الشعبي المتوراث عبر الأجيال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة انباء الموصل
بالعدد 1280 يوم الاثنين 25 تشرين الثاني 2024

ليست هناك تعليقات: